البحرين: جائزة الاضطهاد – الاتحاد الأوروبي يمنح جائزة حقوق الإنسان لمؤسستين حكوميتين غير مستقلتين في دولة تسجن وتعذب المدافعين عن حقوق الإنسان

فرونت لاين ديفندرز تشعر بخيبة أمل عميقة لمنح “جائزة شَيُّو” لمؤسستين محليتين بحرينيتين؛ أمين المظالم بوزارة الداخلية والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان (NHRI)، chaillot_prize_2وذلك وسط قمع فاضح وصارخ من قبل الحكومة البحرينية ضد مؤسسات المجتمع المدني المستقلة والمدافعين عن حقوق الإنسان. ووفقا للسفير كولاتش، رئيس وفد الاتحاد الأوروبي إلى المملكة العربية (السعودية)، والذي يغطي أيضا البحرين، تم تقديم الجائزة لمؤسستين بحرينيتين على أساس “مشاركتهما البناءة” حيث كانتا “تعرضان الانتهاكات والحالات وتلتزمان بالتحقيق في تلك المزاعم بدقة”.

كانت مسألة استقلالية المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان (NIHR) محل سؤال منذ إنشائها الذي تم تنفيذاً للأمر الملكي رقم 46/2009 الذي أصدره (ملك) البحرين. في 25 ابريل/نيسان 2010، أصدر أمرا ملكيا آخر رقم 16/2010، بتعيين 17 رجلا و5 نساء كأعضاء أوائل في المؤسسة الوطنية، وكان من بينهم رئيسها كمال الدين، النائب السابق للأمين العام لجمعية حقوق الإنسان المستقلة في البحرين، والذي استقال احتجاجا على فشل المؤسسة في انتقاد اعتقال الناشطين المؤيدين للديمقراطية في 6 سبتمبر/أيلول 2010. وقد أصبحت مصداقية واستقلالية هذه المؤسسة الجديدة على المحك أكثر بعد أن تبين أن العديد من المرشحين الـ 22 هُم معينون في مناصب حكومية أو مرتبطون بهيئات معروف عنها بأنها واجهات حكومية. إن عدم استقلالية هذه المؤسسة يخالف مبادئ باريس التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم 48/134 لعام 1993. لجنة التنسيق الدولية الفرعية الخاصة بالاعتماد (SCA)، مكلفة بمراجعة واعتماد المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وفقا لمبادئ باريس، وذلك في ملاحظاتها العامة (الفقرة 2.2)، وضعت معايير حساسة لعملية التعيين، ومنها عملية شفافة واسعة التشاور، علاوة على إشراك البرلمان في التعيين الرسمي في عملية الاختيار. والجدير ذكره أن المؤسسة الوطنية غير معتمدة بعد لدى لجنة التنسيق الدولية.

على الرغم من أن وفد الاتحاد الأوروبي في الرياض أعلن بأن “التقارير السنوية الأولى لكلا الفائزين قد تمت دراستها و تقديرها لاعتبارها الشامل والصادق لحالة حقوق الإنسان في البلاد، وكذلك لتوصياتها القوية والبناءة في كيفية التغلب على أوجه القصور والعجز في المجالات الهامة المتعلقة بحقوق الإنسان”، فإنه (التقرير) لم يأخذ بعين الاعتبار حقيقة أن المؤسسات الحكومية -بما فيها الفائزتين بالجائزة- فشلت في تحقيق عدد من حالات سوء المعاملة والتعذيب على الرغم من الشكاوى التي قدمت إليهما. ناجي فتيل حكم عليه بالسجن 15 عاما إثر محاكمة جائرة، ظهر خلالها مع أدلة واضحة على تعرضه للتعذيب، وقدم شكوى لدى أمين المظالم ولكن لم يتم التحقيق بشأنها أبدا.

وعلاوة على ذلك، يبدو إن تكريم هاتين المؤسستين يتجاهل الوضع الخطير في البحرين حيث الحملات على حقوق الإنسان ومدافعي حقوق الإنسان وتضييق مساحة المجتمع المدني مما يعني أن المدافعين عن حقوق الإنسان في البلاد يعرضون حياتهم وحريتهم للخطر بشكل يومي. بعد اندلاع احتجاجات فبراير/شباط 2011 المناهضة للفساد الحكومي والتمييز والمؤيدة للديمقراطية وحقوق الإنسان، أصبح وضع المدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين أكثر خطورة وصعوبة، فقد ردت السلطات عليها بتدابير قاسية وقامت بقمع قادة المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين المؤيدين للديمقراطية.

وقد استخدمت السلطات قوانين مكافحة الإرهاب بهدف تشويه سمعة النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان واضطهادهم. حرية التجمع محدودة. يحظر القانون التجمعات العامة غير المرخصة لأكثر من خمسة أشخاص، وينبغي إخطار وزارة الداخلية بالتجمعات العامة قبل 24 ساعة. خرجت تقارير منتظمة على مدى سنوات حول استخدام قوات الأمن القوة المفرطة لتفريق المظاهرات. حرية التعبير هي الأخرى مقيدة بشدة. الحكومة تتحكم في معظم وسائل الإعلام بشكل مباشر أو غير مباشر، وكثيرا ما يتم مهاجمة وانتقاد منظمات حقوق الإنسان وأعضائها. العديد من الصحفيين الأجانب ومراقبي حقوق الانسان بل وحتى مسؤولين حكوميين تم طردهم أو رفض دخولهم البلاد تعتيما على قضايا حقوق الإنسان او خشية من التحقيق فيها. تم غلق أو حجب العديد من المواقع قسرا، بما في ذلك موقع “ملتقى البحرين” المؤيد للديمقراطية الذي أسسه المدافع عن حقوق الإنسان والمدون علي عبد الإمام . حذرت الحكومة من أنها ستستخدم قانون الصحافة والمطبوعات لعام 2002، لفرض عقوبة السجن ضد أولئك الذين ينتقدون النظام، وقد تذرعت النيابة العامة بالمادة 246 من قانون العقوبات لمنع وسائل الإعلام من الكتابة عن موجة الاعتقالات. من الأمثلة على القمع الشديد ضد المدافعين عن حقوق الإنسان هو حالة عبد الهادي الخواجة ، المدافع البارز عن حقوق الإنسان ومنسق الحماية السابق في فرونت لاين ديفندرز. أُلقي القبض عليه في عام 2011، وفي إساءة فاضحة لتطبيق العدالة حكمت عليه محكمة عسكرية بالسجن مدى الحياة. ومثل كثيرين آخرين، تعرض للضرب والتعذيب بحوزة الشرطة مما أدى إلى إخضاعه لعملية جراحية دامت أربع ساعات في المستشفى العسكري نتيجة لذلك. إبنتاه زينب الخواجة و مريم الخواجة أيضا واجهتا الاضطهاد دفاعا عن حقوق الإنسان.

واصلت البحرين ملاحقة نشطاء الإعلام الاجتماعي؛ فالسيدة غادة جمشير ، المحتجزة حاليا، تم اعتقالها في 14 سبتمبر/أيلول 2014 لنشرها تغريدات انتقدت بها الفساد المزعوم في إدارة مستشفى (الملك) حمد في البحرين. وأفرج عنها بعد أن قضت 10 أساببع في الاحتجاز في مركز مدينة عيسى الخاص باحتجاز النساء، ثم سرعان ما أعيد اعتقالها بعد مضي 12 ساعة من إطلاق سراحها. رفعت عليها قضية جديدة تتعلق بـ “الاعتداء على ضابطة شرطة في الحجز” في سبتمبر/أيلول 2014، دون أن تكون لها معرفة مسبقة بهذه التهمة. المدافع البارز عن حقوق الإنسان السيد نبيل رجب ، رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان و مدير مركز الخليج لحقوق الإنسان، مستهدفٌ من قبل السلطات البحرينية منذ عام 2009. يواجه نبيل رجب عمليا الترهيب والاعتقال والاحتجاز والمنع من السفر نتيجة لعمله، وقد حُكم عليه بالسجن في انتهاك للحق في حرية التجمع وحرية التعبير. في 9 يوليو/تموز 2012، اقتيد من منزله إلى الحجز ثم إلى السجن ليقضي عقوبة سجن لمدة ثلاثة أشهر سُلّمت له في وقت سابق من نفس اليوم، وذلك بسبب تغريدة له حول رئيس الوزراء البحريني. بعد شهر واحد، وفي قضية منفصلة، حُكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات بتهمة التجمع غير القانوني. مؤخرا، في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2014، اعتقل نبيل رجب لمدة سبعة أيام بعد أن استدعي لاستجوابه والتحقيق معه بتهمة “إهانة مؤسسة عامة” عبر تويتر في الأول من اكتوبر/تشرين الأول 2014. وبقي رهن الاعتقال حتى أفرج عنه بكفالة في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 2014. إن قرار الاتحاد الأوروبي لمنح الجائزة لهاتين المؤسستين البحرينيتين التابعتين للدولة هو إهانة لنبيل رجب الذي اعتقل في أعقاب زيارة عمل له إلى الاتحاد الأوروبي قدم خلالها شهادته أمام اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان (DROI) في البرلمان الأوروبي أسهب خلالها حول انتهاكات حقوق الإنسان في بلاده.

جائزة شَيُّو تعترف بتعزيز حقوق الإنسان و “الإجراءات والحملات والمشاريع التي تخدم تعزيز حقوق الإنسان والوعي” في دول مجلس التعاون الخليجي. وجاءت تسمية الجائزة على اسم (قصر شَيُّو) في باريس حيث تم اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر/كانون الأول 1948، وقد تم التكريم بالجائزة السنوية للمرة الأولى في ديسمبر/كانون الأول 2008، بمناسبة مرور 60 عاما على هذا الإعلان. وهو برنامج يهدف إلى تشجيع دول مجلس التعاون الخليجي لتعزيز حقوق الإنسان وتحسين حالة حقوق الإنسان فيها.

إن منح هذه الجائزة يتناقض بشكل مباشر مع دعوة البرلمان الأوروبي لـ “الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والدول الأعضاء للإدانة العلنية ضد الانتهاكات المستمرة للحقوق الأساسية للإنسان في حرية التعبير في البحرين، وللدعوة إلى إطلاق سراح السيد نبيل رجب وغيره من المدافعين عن حقوق الإنسان المستهدفين في البحرين.”، وبصيغة أكثر حزما، دعا 61 من أعضاء البرلمان الأوروبي “إلى فرض تدابير استهدافية مقيدة (حظر التأشيرات وتجميد الأصول) ضد أولئك الأفراد المسؤولين عن والمتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان. إذا كان الاتحاد الأوروبي جادا في تشجيع وتعزيز حقوق الإنسان في البحرين، فيتعين عليه أن يتكلم ضد الانتهاكات التي ارتكبت ضد المدافعين عن حقوق الإنسان المستقلين والمنظمات غير الحكومية وحث السلطات البحرينية إلى احترام التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان.